العودة
هيّا نتكلّم عن الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة مع منسقة اليونسكو لبرنامج التربية في الدول العربية ومسؤولة برنامج التربية الاساسيّة، السيّدة ميسون شهاب
الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة
2022 - 11 - 17
مقابلة مع منسقة اليونسكو لبرنامج التربية في الدول العربية ومسؤولة برنامج التربية الاساسيّة، السيّدة ميسون شهاب
"ينبغي أن يبدأ التعلم في مرحلة مبكرة من الحياة. والانتفاع العالمي من التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة يتيح للحكومات والأسر أداة أساسية لمنع وعكس أوجه عدم المساواة بين الأجيال. فالتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة هو أحد الاستثمارات الهامة لتحسين النتائج المحرزة في مجال التعليم." 1
بمناسبة المؤتمر العالمي بشأن الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة الذي عُقِدَ في 14-16 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 في طشقند، أوزبكستان، أجرينا مقابلة مع السيدة ميسون شهاب، منسّقة برنامج التربية للدول العربية ومسؤولة برنامج التربية الاساسية في مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية (مكتب اليونسكو بيروت)، للحصول على لمحة عامة عن حالة الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة في المنطقة العربية ومناقشة الفرص والتحديات والتوصيات ذات الصلة.
لقد سجّلت المنطقة العربية تقدمًا ملحوظًا في مجال الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة، وعملت على تحقيق الانتفاع المنصف من التعليم الجيد في مرحلة الطفولة المبكرة وعلى تطوير برامج مبتكرة في هذا المجال في السنوات العشر الماضية. ومع ذلك، إنّ التقدّم العامّ في رعاية الطفولة المبكرة والتربية يحجب الأنظار عن أوجه التفاوت وعدم المساواة بين البلدان العربية. فقد أشارت السيدة شهاب قائلة إنّ "في البلدان المنخفضة الدخل والمتأثرة بالنزاعات والأزمات المطولة، لا تكفي الخدمات المتاحة لمرحلة الطفولة المبكرة لتحقيق نتائج التعلّم المنشودة، بعكس الوضع في الدول المرتفعة الدخل حيث يحظى التعليم قبل المدرسي والرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة بدعم حكومي واهتمام واستثمارات هائلة."
وأفادت السيدة شهاب أنّ "الدول العربيّة حققت تقدّمًا جيّدًا فيما يتعلق بتطوير السياسات والاستراتيجيات الوطنيّة، وهذا إنجاز مهم للغاية. ولكنّ بعض الدول واجهت ثلاثة تحديات رئيسية حالت دون تنفيذ خطة عام 2030: عدم الاستقرار السياسي، وتحركات السكان، وتهميش النساء".
وأوضحت أنّ عدم الاستقرار السياسي المرتبط بظروف سياسية غير مستقرة وأزمات طويلة أثرت على بعض بلدان المنطقة وحثّتها على خفض الاستثمار في التعليم وإبطاء وتيرة خطط التعليم. وتشكل تحركات السكان تحديًا آخر لأن استراتيجيّات التعليم تُطَوَّر بناءً على الكثافة السكانيّة والتوزيع السكاني في كل دولة. وعندما تتغيّر الكثافة السكانية والتوزيع السكاني بسبب تدفق اللاجئين و/أو النزوح الناجم عن الحرب والنزاع، تتأثر الاستراتيجيات الوطنية ويقلّ تأثيرها. وأوضحت السيدة شهاب أنّ تهميش النساء ونقص تمثيلهنّ في القوة العاملة هما التحدي الثالث الذي يواجه الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة، وأنّ ارتفاع معدلات توظيف النساء يمكن أن يعزز رعاية الأطفال الاجتماعية ومعدل التحاقهم بالتعليم ما قبل المدرسي.
وأعلنت شهاب أنّ مكتب اليونسكو بيروت نظم اجتماعين وطنيين تشاوريين، واجتماعًا إقليميًا تشاوريًا حول مناهج التربية والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة بالتعاون مع مكتب التربية الدولي لليونسكو، وأنه أعدّ عددًا من الدراسات وتقريرًا إقليميًا حول الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة. وسيُعقَد مؤتمرًا إقليميًا للمنطقة العربية لإطلاق التقرير ومناقشة نتائج وتوصيات المؤتمر العالمي بشأن الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة. فقد صرّحت السيدة شهاب أنّ "التقرير جاهز وسيتم إطلاقه قريبًا. وسنبدأ بتوفير الدعم التقني للدول الأعضاء لتنظيم أنشطة وتدخلات في مجال التربية والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة بما يتماشى مع توصيات التقرير. والأهم من ذلك هو أننا سنعمل على تشجيع الدول التي لا تملك سياسات وطنية للتربية والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة على البدء في إعداد هذه السياسات."
يتضمن التقرير ممارسات جيدة تتعلق بتعزيز التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة في المجتمعات المحلية المحرومة، وبتعزيز التعليم الشامل في مرحلة الطفولة المبكرة وتعليم الوالدين. كما يقدم توصيات ويقترح مبدأين توجيهيين عامَّيْن ينبغي أن تأخذهما الدول العربية في الاعتبار لإحراز تقدم في التربية والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة: 1) جعل الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة أولوية سياسية، 2) إعادة تصور التعلم والاستفادة من الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19 للاستثمار في طرائق جديدة للتعلم وإحداث تحولات في نظام التعليم. وتوصيات التقرير مصنّفة وفقًا لموضوعات المؤتمر العالمي بشأن الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة، وهي: الشمول، والرعاية والتربية الجيدة في مرحلة الطفولة المبكرة، والابتكار والمرونة والقدرة على الصمود، والحوكمة.
ومن بين توصيات التقرير الأساسية المتعلقة بموضوع الشمول تنويع أساليب التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة بدلاً من التركيز على طريقة معيارية واحدة لإيصال المعلومات، وكذلك إنشاء آليات جديدة لضمان انتفاع الفئات المحرومة بالتعليم من خلال برامج تكميلية وبديلة (مثل برامج توعية الوالدين، وبرامج الأم والطفل، وخدمات الهاتف المحمول، وحملات وسائل الإعلام، إلخ).
أمّا فيما يتعلّق بالجودة، يقترح التقرير وضع وتعريف وتطوير وتنفيذ حد أدنى من المعايير الإقليمية لتوفير الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة بناءً على الممارسات الفضلى الدولية التي تراعي ثقافة المنطقة العربية وقيمها. ويوصى أيضًا بالأخذ ببرامج مرنة جديدة بناء القدرات المهنية للمسؤولين والمعلمين وغيرهم من موظفي المدارس لمعالجة الفاقد التعلمي لدى التلاميذ، مع التركيز على تقييم التعلم والتعليم التعويضي والاستلحاق الدراسي لتضييق أو ردم الفجوات والثغرات الحالية المتعلقة بالتحصيل العلمي.
وبالنسبة للابتكار والمرونة والقدرة على الصمود، يوصي التقرير بوضع خطط تعليمية للاستجابة لحالات الطوارئ والنزاعات والكوارث بالإضافة إلى تعديل المناهج لتلبية احتياجات جميع الذين كانوا مستبعدين سابقًا.
وفي موضوع الحوكمة، يشدد التقرير على ضرورة توفير برامج شاملة للرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة وإقامة شراكات فعالة لتعبئة الموارد اللازمة لتعزيز توفير الخدمات الرعائية والتعليمية والتربوية لجميع الأطفال من عمر 0 حتّى 8 سنوات. ومن التوصيات الهامة في التقرير الاستثمار في الرعاية الجيدة للأطفال لتحويل الفرص المتاحة للأطفال والنساء والأُسَر واستخدام الأدلة والبيّنات المحليّة والعالميّة لتنظيم أنشطة وتدخلات مبتكرة وقابلة للتوسيع.
واختتمت السيدة شهاب المقابلة قائلةً، "يجب أن نستفيد من زخم المؤتمر العالمي بشأن الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة في المنطقة العربية ومن الفرص التي يتيحها للحكومات وشركاء التنمية وغيرهم من الجهات المعنية لإنشاء شراكات فعالة وتعبئة الموارد لتوفير رعاية شاملة وجيدة وتهيئة ظروف مواتية لنمو الأطفال وتحقيق إمكاناتهم الكاملة."
1 United Nations. 2022. Transforming Education: An Urgent Political Imperative for our Collective Future. Vision Statement of the Secretary-General on Transforming Education. United Nations. https://www.un.org/sites/un2.un.org/files/2022/09/sg_vision_statement_on_transforming_education.pdf
لمزيد من المطالعة
أحدث المنشورات
القائمة الكاملةاليونسكو
المستقبل على المحك: لماذا الاستثمار في التعليم أمر بالغ الأهمية؟
يسلط هذا التقرير، الذي أعدّته اللجنة التوجيهية الرفيعة المستوى المعنية بالهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة (SDG4) بالتعاون مع الشراكة العالمية من أجل التعليم (GPE) ونُشر في عام 2024، الضوء على الحاجة المُلِحّة لتعزيز الاستثمار في التعليم كوسيلة أساسية لمواجهة التحديات العالمية، بما في ذلك تغيّر المناخ، والتطورات التكنولوجية، والتحوّلات الديموغرافية.
اليونسكو
المدن العربية تتألق في جوائز مدن التعلم لليونسكو لعام 2024
تُحرز المدن العربية تقدمًا كبيرًا في مجال التنمية المستدامة والتعلم مدى الحياة، مع تركيز متزايد على إنشاء بيئات تعليمية شاملة تُسهم في تحقيق الأهداف التنموية المحلية والعالمية. وقد احتفلت جوائز مدن التعلم لعام 2024، التي تُمنح من قِبَل اليونسكو، بهذه الجهود، مبرزةً المدن العربية التي تميزت في بناء مجتمعات تعليمية.
اليونسكو
مؤتمر اليونسكو العالمي الثالث للموارد التعليمية المفتوحة: تعزيز الوصول الشامل إلى المعرفة
انطلق مؤتمر اليونسكو العالمي الثالث للموارد التعليمية المفتوحة (OER) في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، في مركز دبي التجاري العالمي في دولة الإمارات العربية المتحدة، ليكون المرة الأولى التي يُستضاف فيها هذا الحدث في العالم العربي. نظّم مؤتمر اليونسكو بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة (MBRF)واستقطب أكثر من 500 مشارك ومشاركة من نخبة القادة العالميين، وصنّاع السياسات، وممثلي المؤسسات التعليمية، بما في ذلك وزراء، وأكاديميون، وخبراء من القطاع الخاص. وتركّزت المناقشات على مدار يومين حول تعزيز الاستفادة من الموارد التعليمية المفتوحة والتقنيات الناشئة، بهدف تحقيق وصول عادل وشامل إلى التعليم، وتقليص الفجوة الرقمية على الصعيد العالمي.
اليونسكو
الأمم المتحدة تحتفي في شهر ديسمبر/كانون الأول بحقوق الإنسان، والأشخاص ذوي الإعاقة، واللغة العربية
تُحيي الأمم المتحدة في شهر ديسمبر/كانون الأول ثلاث مناسبات بارزة تُعنى بحقوق الإنسان، وبحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وباللغة العربيّة، ممّا يجعل هذا الشهر فرصةً عالميّةً للتفكير والعمل. وتقود اليونسكو الجهود لتعزيز التعليم الشامل، وحماية حقوق الإنسان، والاحتفاء بالإرث الثقافيّ واللغويّ للّغة العربيّة، من خلال سلسلة من الفعاليات والمبادرات.