العودة

مقابلة مع مديرة معهد الشرق الأوسط للتعليم العالي في كلية الدراسات العليا في التربية في الجامعة الأمريكيّة في القاهرة، الدكتورة ملك زعلوك: "يعتمد تحقيق أهداف التعليم العالميّة وإصلاح القطاع التربويّ على حلّ مشكلة نقص المعلّمين والاعتراف بهم كمحفّز للتغيير"

المعلّمون والمعلمات
2022 - 10 - 05
المعلّمون والمدرّبون والمربّون هم العناصر الأقوى في تحويل أنظمة التعليم فَهُم يؤدّون دورًا أساسيًّا في تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة. ومع ذلك، لا يزال وضع المعلّمين هو الشغل الشاغل في العديد من بلدان العالم ولا سيما في فترة ما بعد جائحة كوفيد-19.
المعلّمون والمدرّبون والمربّون هم العناصر الأقوى في تحويل أنظمة التعليم فَهُم يؤدّون دورًا أساسيًّا في تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة. ومع ذلك، لا يزال وضع المعلّمين هو الشغل الشاغل في العديد من بلدان العالم ولا سيما في فترة ما بعد جائحة كوفيد-19. بمناسبة اليوم العالميّ للمعلّم الذي يُحتفل به سنويًا في الخامس من تشرين الأوّل/أكتوبر منذ عام 1994 للإشادة بدور المعلّمين حول العالم في بناء الإنسان والمجتمع، يشكّل هذا العام مناسبةً للاعتراف بأنّ المعلّم هو المفتاح الأساسيّ لتحقيق التعافي من آثار جائحة كوفيد-19.

سلّطت مديرة معهد الشرق الأوسط للتعليم العالي بكليّة الدراسات العليا في التربية بالجامعة الأمريكيّة في القاهرة الدكتورة ملك زعلوك الضوء على احتياجات المعلّمين وعلى الحاجة الملحّة إلى المعلمين. وشدّدت الدكتورة زعلوك على "ضرورة تمكين المعلّمين وتوظيفهم وتدريبهم بشكلٍ مناسبٍ وتقديرهم وتحفيزهم ودعمهم ضمن أنظمةٍ حسنة الإدارة فيها موارد جيّدة وفعّالة تساعدهم على القيام بمهامهم في ظل النقص الملموس المتوقع في أعداد المعلمين في المدارس.

وأضافت الدكتورة زعلوك، وهي تتمتّع بخبرةٍ واسعةٍ في مجال التعليم بصفتها أستاذ ممارس في جامعة عريقة في القاهرة، قائلة "لنتمكّن من تحويل التعليم، نأمل من البلدان تبنّي دليل إعداد السياسات الخاصّة بالمعلّمين التابع لمنظّمة اليونسكو". وأكملت "عندما نفكر في وضع المعلّمين، ينبغي أن ننظر في العديد من المسائل على غرار خلفيتهم التعليمية، وعملية التوظيف، كما ينبغي أن نسأل ما إذا كانوا يحصلون على حوافز ورواتب مناسبة، وإذا كانوا يحظون بالدعم اللازم، وإذا كان يتم الاعتراف بهم، وأن نفكر في التدابير المتخذة لاستبقائهم في عملهم، والأهم من ذلك أن نرى كيف يمكن توفير ظروف مواتية لهم في المؤسّسات التعليميّة لتمكينهم من تقديم أفضل ما عندهم وتزويدهم بالدعم النفسيّ الاجتماعيّ والأدوات المناسبة ليتميّزوا في وظائفهم؟"

وفقًا لدراسة أجرتها اليونسكو، تُعَدُّ المنطقة العربيّة من المناطق الأكثر تضرّرًا نقص المعلّمين في المدارس. وبحلول عام 2030، ستواجه المنطقة ارتفاعًا هائلا في عدد سكانها في سنّ الدراسة قدره 9.5 مليون متعلّم إضافيّ. وترى الدكتورة زعلوك أنّ هناك حلولًا مجدية، سواء أكانت طويلة المدى أو قصيرة المدى، لمواجهة هذا التحدّي مع الأخذ في الاعتبار الأوضاع الماليّة والأمنيّة والسياسيّة للبلدان المتضرّرة. وأوضحت "ليست المنطقة العربيّة وحدها تعاني من نقص في المعلّمين، فمعظم الدول تواجه المشكلة نفسها، وهي مشكلة تكبر وتتفاقم. لذا نحتاج إلى توسيع شراكاتنا - على المستويات العالميّة والإقليميّة والوطنيّة – والعمل معًا على رؤية مشتركة وأهداف موحّدة تضع التعليم والمعلّمين ضمن الأولويّات".

وأشارت الدكتورة زعلوك إلى الدور المهمّ الذي يمكن أن يضطلع به المتقاعدون والمجتمعات والحكومات في دعم المعلمين وتمكينهم. "لكنّ هذا لا يكفي، فنحن بحاجة أيضًا إلى إنشاء نظام إرشاد جيّد داخل المدرسة لدعم المعلّمين على جميع المستويات". وشدّدت على إمكانية استخدام تقنيّات التعليم أيضًا لدعم المعلّمين الجدد في حياتهم المهنيّة، والاستفادة من التكنولوجيا في أنشطة التعلّم في المدرسة. وأكّدت أنه لسدّ فجوة نقص المعلّمين سواء في المنطقة العربيّة أو في أيّ بلدٍ آخر، من الضروريّ ضمان تمكين المعلمين وتعيينهم بشكل مناسب وتدريبهم وتأهيلهم مهنيًّا وتحفيزهم ودعمهم وتزويدهم بالإمكانيّات اللازمة ضمن أنظمة حسنة الإدارة فيها موارد جيّدة وفعّالة لتعزيز التعلّم وضمان التعليم الجيّد الشامل والمنصف للجميع.

وفقًا للدكتورة زعلوك، "من المؤسف أنّ المعلمين في العالم العربي لا يحظون بفرص كثيرة للمشاركة في الحوار الاجتماعي وعمليات صنع القرار في قطاع التربية والتعليم. فنظرًا إلى أنّ المعلمين أقرب من غيرهم إلى واقع المدارس والمجتمعات والمتعلمين، ينبغي زيادة مشاركتهم في مختلف مراحل ومستويات عمليات وضع السياسات واتخاذ القرارات". ومن شأن مشاركة المعلمين في الحوار الاجتماعي وعمليات صنع القرار ووضع السياسات أن تسهم في تعزيز دافعهم للبقاء في مهنتهم. وأكدت الدكتورة أنّ "من الأسباب المعقدة والمتنوعة التي تدفع المعلمين إلى التخلي عن مهنتهم، منها الأزمات المالية، والأجور المنخفضة، وعدم الاعتراف بعملهم على المستوى الاجتماعي، وقلة الفرص المتاحة لهم للتطوير المهني، وآفاق الترقية غير الكافية، وظروف العمل الصعبة".

أكّدت الدكتورة زعلوك أنّ المعلّمين سيُحترمون ويُنظر إليهم كمنتجين للمعرفة المهنيّة إذا أعطوا الأولويّة للاحتراف والتمرّس والتطوير الذاتيّ. "يحتاج المعلّمون إلى تغيير ثقافة عملهم. إذ عليهم أن يثبتوا كفاءاتهم الفكريّة والإبداعيّة من خلال المشاركة في البحوث، وإثبات دورهم في الساحة المهنيّة وإنشاء قاعدة معرفيّة. فبذلك يكسبون الاحترام والتقدير".

وفيما يتعلق بالتطوّرات الأخيرة في إعداد المعلمين والتطوير المهنيّ في قضايا مثل مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومحو الأمية الرقميّة، قالت الدكتورة زعلوك ما يلي، "صحيح أن العديد من البلدان في المنطقة حقّق إنجازات كبيرة وأطلق مبادرات مثيرة للاهتمام من خلال توفير أجهزة رقميّة وبوّابات إلكترونية جديدة وموارد جديدة عبر الإنترنت لمساعدة المعلمين. ولكنّ هذا لا يكفي لأنّ المعلّمين يحتاجون إلى التدريب على استخدام هذه التقنيّات المبتكرة ". ثم أكملت "لا يمكن أن تحدث هذه العمليّة بين ليلة وضحاها، والسبب هو أنّ المعلمين تعرضوا للتهميش لفترة طويلة جدًا، لذلك ليسوا متحمّسين لبرامج التعلم الذاتيّ. علينا أن نقدّم لهم الكثير من الدعم وأن تعرّفهم إلى كافة طرائق التعليم الجديدة، وهذا يتطلّب المزيد من الإرشاد والتدريب."

وأكّدت الدكتورة زعلوك أنّ المعلّمين الذين يحصلون على تدريب أفضل وعلى التحفيز والتمكين اللازمين يمكنهم أن يكونوا عناصر جوهرية في تحويل أنظمة التعليم وتحسين تعلّم المتعلّمين. ويوجد العديد من المبادرات الجادّة تدعو إلى تكيّف أنظمة التعليم لدعم المعلمين كعناصر تغيير. وأعلنت الدكتورة عن "مبادرة تم إطلاقها في مصر لدعم الشراكات بين اﻟﻤدارس واﻟﺠﺎﻤﻌﺎت بهدف تمكين المعلمين ليتمرّسوا في مهنتهم وليصبحوا عناصر تغيير. وعلى الرغم من أن هذه المبادرة لم تنفَّذ على المستوى الوطني بعد، كانت النتائج حتى الآن واعدة. وعلينا أن نعمل على بناء الشراكات بين المدارس والجامعات على المستويين النظري والعملي لتمكين المعلمين من تغيير ثقافة المدارس وطرائق التدريس فيها.

أحدث المنشورات

القائمة الكاملة
اليونسكو

المستقبل على المحك: لماذا الاستثمار في التعليم أمر بالغ الأهمية؟

يسلط هذا التقرير، الذي أعدّته اللجنة التوجيهية الرفيعة المستوى المعنية بالهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة (SDG4) بالتعاون مع الشراكة العالمية من أجل التعليم (GPE) ونُشر في عام 2024، الضوء على الحاجة المُلِحّة لتعزيز الاستثمار في التعليم كوسيلة أساسية لمواجهة التحديات العالمية، بما في ذلك تغيّر المناخ، والتطورات التكنولوجية، والتحوّلات الديموغرافية.
اليونسكو

المدن العربية تتألق في جوائز مدن التعلم لليونسكو لعام 2024

تُحرز المدن العربية تقدمًا كبيرًا في مجال التنمية المستدامة والتعلم مدى الحياة، مع تركيز متزايد على إنشاء بيئات تعليمية شاملة تُسهم في تحقيق الأهداف التنموية المحلية والعالمية. وقد احتفلت جوائز مدن التعلم لعام 2024، التي تُمنح من قِبَل اليونسكو، بهذه الجهود، مبرزةً المدن العربية التي تميزت في بناء مجتمعات تعليمية.
اليونسكو

مؤتمر اليونسكو العالمي الثالث للموارد التعليمية المفتوحة: تعزيز الوصول الشامل إلى المعرفة

انطلق مؤتمر اليونسكو العالمي الثالث للموارد التعليمية المفتوحة (OER) في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، في مركز دبي التجاري العالمي في دولة الإمارات العربية المتحدة، ليكون المرة الأولى التي يُستضاف فيها هذا الحدث في العالم العربي. نظّم مؤتمر اليونسكو بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة (MBRF)واستقطب أكثر من 500 مشارك ومشاركة من نخبة القادة العالميين، وصنّاع السياسات، وممثلي المؤسسات التعليمية، بما في ذلك وزراء، وأكاديميون، وخبراء من القطاع الخاص. وتركّزت المناقشات على مدار يومين حول تعزيز الاستفادة من الموارد التعليمية المفتوحة والتقنيات الناشئة، بهدف تحقيق وصول عادل وشامل إلى التعليم، وتقليص الفجوة الرقمية على الصعيد العالمي.
اليونسكو

الأمم المتحدة تحتفي في شهر ديسمبر/كانون الأول بحقوق الإنسان، والأشخاص ذوي الإعاقة، واللغة العربية

تُحيي الأمم المتحدة في شهر ديسمبر/كانون الأول ثلاث مناسبات بارزة تُعنى بحقوق الإنسان، وبحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وباللغة العربيّة، ممّا يجعل هذا الشهر فرصةً عالميّةً للتفكير والعمل. وتقود اليونسكو الجهود لتعزيز التعليم الشامل، وحماية حقوق الإنسان، والاحتفاء بالإرث الثقافيّ واللغويّ للّغة العربيّة، من خلال سلسلة من الفعاليات والمبادرات.