العودة

الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وتقنية الميتافيرس في العملية التعليمية من أجل المساواة والإنصاف والشمول على الصعيد العالمي

المعلّمون والمعلمات
2023 - 03 - 02
مقابلة مع الدكتورة منى النبهاني، أستاذة معاونة فخرية في التربية والتعليم في الجامعة اللبنانية الأميركية
إنّ الذكاء الاصطناعي هو التكنولوجيا التي تدفع عجلة الثورة الصناعية الرابعة إلى الأمام. وتعترف اليونسكو والعديد من الجهات المعنية الأخرى بأنّ من شأن الذكاء الاصطناعي أن يعمل كعامل تمكيني لتحقيق أهداف عدة من أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الهدف الرابع، وأيضًا لتحقيق مبادئ المساواة والإنصاف والشمول المنشودة منذ فترة طويلة في التعليم، وتحسين نتائج التعلم.

أجرت اليونسكو مقابلة مع الدكتورة منى نبهاني، أستاذة معاونة فخرية في التربية والتعليم ومستشارة في اليونسكو، لمناقشة كيف يساهم الذكاء الاصطناعي وميتافيرس في تحويل التعليم.

1. كيف ستتمكن تقنيات الميتافيرس والذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي من تحسين مستقبل التعليم؟

سيكون لميتافيرس المستقبل - الذي سيجمع بين الواقع المعزز والواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي في عالم افتراضي واحد - تأثير هائل في تحسين مستقبل التعليم بعدة طرق. على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للتعلم عن بعد، ما يتيح للمتعلمين الانتفاع من المحتوى التعليمي في أي مكان حول العالم. ويمكن أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء تجارب تعليمية شخصية من خلال الأخذ بنهج يتمحور حول المتعلم لتكييف المحتويات التعليمية والعملية التعليمية مع الاحتياجات الفردية لكل متعلم، بينما يمكن استخدام الواقع الافتراضي لإنشاء تجارب تعليمية غامرة تتيح للمتعلمين استكشاف عوالم افتراضية والتفاعل مع المحتوى التعليمي والاندماج فيه.
كما يمكن استخدام هذه التكنولوجيا لإنشاء بيئات تعاونية إضافية للتعلم تتيح للمتعلمين التفاعل مع بعضهم بعضًا ومع معلميهم في مساحة افتراضية. ويمكن كذلك استخدام هذه التكنولوجيا لتحسين الانتفاع من المحتوى التعليمي، وجعله في متناول الأشخاص ذوي الموارد المحدودة والأشخاص ذوي الإعاقة.

2. كيف يمكن لليونسكو الاستفادة من هذه التكنولوجيا الناشئة لتحسين مستقبل التعليم في البلدان العربية؟

نظرًا إلى أن بعض البلدان العربية تحتاج إلى تعزيز البنى الأساسية لاستيعاب الذكاء الاصطناعي، يمكن لليونسكو أن تساعد هذه البلدان في وضع خطة استراتيجية لدمج التكنولوجيا الناشئة في أنظمتها التعليمية.

ومن الممكن أن يتضمن دعم اليونسكو مبادرات لتطوير وتنفيذ منصات التعلم الرقمية، وإتاحة الانتفاع من موارد ومواد التعلم، مثل الكتب الإلكترونية، والدورات التدريبية عبر الإنترنت، وأنظمة إدارة التعلم.

يمكن أيضًا لليونسكو أن تركز على بناء قدرات المعلمين والإداريين وغيرهم من الجهات المعنية وتدريبهم على استخدام هذه التكنولوجيا، وأن توفر الموارد والدعم لتنفيذ هذه المبادرات وأن تشجع الدول الأعضاء على الاستثمار في البحث والتطوير لإيجاد حلول وأدوات مبتكرة لتحسين جودة ونتائج التعليم.

ويمكن كذلك لليونسكو أن تعمل على تعزيز التعاون وتبادل الممارسات الفضلى بين البلدان لضمان استفادة جميع البلدان من استخدام التكنولوجيا الناشئة في التعليم.

وتندرج مساعي جعل التكنولوجيا شاملة وتوسيع الجاهزية الرقمية ضمن المكونات الأساسية في عمل اليونسكو. ولكن في ظل الوجود المتزايد للذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، من المهم أن تتم مراعات أخلاقيات الذكاء الاصطناعي – مع الأخذ في الاعتبار أن الهدف النهائي هو تعزيز العملية التعليمية ونتائج التعلم لتمكين التعليم من أداء دوره في إحداث التحولات المنشودة.

3. ما هي التحديات والفرص التي تقدمها هذه التكنولوجيا للمتعلمين والمؤسسات التعليمية؟

تتيح هذه التكنولوجيا مجموعة متنوعة من التحديات والفرص للمتعلمين والمؤسسات التعليمية على حد سواء. فإنها تغيّر الطريقة التي يتعلم بها المتعلمون ويتفاعلون مع المواد التعليميّة. فقد قام العديد من المعلّمين في عدّة دول عربية بتطبيق الواقع المُعزَّز والواقع الإفتراضي في التعليم. كما استُخدِمَت هذه التكنولوجيا الغامرة لإنشاء مختبرات افتراضية للكيمياء والعلوم والفيزياء ولإجراء تجارب لا يمكن إجراؤها في المختبرات التقليدية بسبب الكلفة العالية للرحلات الميدانية خارج المدرسة، واعتبارات السلامة والمواد. وعند ارتداء نظارات الواقع الافتراضي، يمكن للمتعلمين استكشاف الوجهات الافتراضية، وزيارة الأماكن التاريخية، والسفر عبر الزمان والمكان، كمل يمكنهم الدخول إلى مجموعة متنوعة من البيئات المُنشأة بواسطة الكمبيوتر.

وتوفر هذه التكنولوجيا للمؤسسات التعليمية فرصة لتعزيز خبرات المتعلمين، وزيادة المشاركة، وإنشاء مساحة تعليمية مشتركة تتيح للمتعلمين من مختلف البلدان التعاون والتعلم معًا والوصول إلى جمهور أوسع. يمكن أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل وتتبع تقدم المتعلمين وتقديم ملاحظات مخصصة، وبالتالي يشكل الذكاء الاصطناعي أداة لا غنى عنها لتعزيز عملية تقييم ومتابعة أداء المتعلمين. ولكن، ينبغي للمؤسسات التعليمية أن تعمل على ضمان أن البيئة الافتراضية آمنة ومحمية وأن المتعلمين يتمتعون بالحماية الكافية من عمليات الإحتيال والخداع عبر الإنترنت، وأن تأخذ في الاعتبار تكلفة تنفيذ تكنولوجيا الميتافيرس وتكلفة صيانة المساحات الافتراضية وإدارتها.

إذ تشير هذه التكنولوجيا مخاوف متعلقة بالأمان والخصوصية، وتُبرِز الحاجة إلى فهم وإدارة العوالم الافتراضية والأصول الافتراضية بكل تعقيداتها. ووفقًا لتوصية اليونسكو لعام 2021 بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، يجب أن تدور جميع المناقشات المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم حول القيم والأبعاد الإنسانية للذكاء الاصطناعي والغرض منه لخدمة الصالح العام. وتجدر الإشارة إلى أننا لا يجب أن ننسى أهمية تطوير المهارات التأسيسية وتنميتها؛ وإقامة توازن جيد بين النُهُج "التقليدية" في التعليم والإمكانات الجديدة التي توفرها التكنولوجيا.

4. هل يمكن ضمان استخدام الميتافيرس والذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي بطريقة منصفة وشاملة في التعليم؟

نعم، هذا ممكن، ويمكن لليونسكو أن تضطلع بدور مهم في هذه المساعي. يمكن استخدام هذه التكنولوجيا بإنصاف وشمول من خلال اتخاذ عدد من التدابير، بما في ذلك ضمان إتاحة التكنولوجيا لجميع المتعلمين بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية، وتوفير التدريب والدعم للمعلمين والمتعلمين لتوعيتهم لاستخدام التكنولوجيا بفعالية، وتهيئة ظروف وأماكن تعليمية عادلة من خلال معالجة أي تحيز. ومن المهم أيضًا التأكد من استخدام التكنولوجيا لدعم الاحتياجات التعليمية لجميع المتعلمين، على سبيل المثال من خلال تكييف خبرات التعلم مع الاحتياجات الفردية للمتعلمين والتأكد من الحد من المخاطر التي قد تنجم عن التكنولوجيا.

5. ما هي نصيحتك للمعلمين الذين يتطلعون إلى مواكبة التغيرات والتطورات في قطاع التعليم؟

أفضل نصيحة أقدمها للمعلمين هي أن يحرصوا على بناء كفاءاتهم لتعزيز ممارساتهم التعليمية المعززة بالتكنولوجيا. فمن شأن مبادرات بناء القدرات أن تعزز القيم والمهارات والكفاءات لضمان الاستخدام الأخلاقي والآمن والعادل للتكنولوجيا، وبالتالي تتقارب هذه المبادرات من مبادرات الدراية المعلوماتية وتعليم المواطنة العالمية.
وتزوّد هذه الأنشطة والمبادرات المتعلمين بالمعارف والمهارات اللازمة لاستخدام التكنولوجيا الناشئة من منظور التعلم مدى الحياة. وبالتالي، يجب أن يسعى المعلمون إلى تحديث معارفهم باستمرار وأن يكونوا منفتحين على الأفكار والأساليب الجديدة لمواكبة الطبيعة الديناميكية للتكنولوجيا في القطاع التعليمي.

وأعتقد أيضًا أنه من الضروري تعليم المهارات الشخصية في عصر الذكاء الاصطناعي لأن هذه المهارات أساسية بتمكين المتعلمين من النجاح في العمل. فالمهارات اللينة، على غرار التواصل، والتعاون، وحل المشاكل، والمهارات القيادية، والتفكير النقدي، كلها مهارات لا يمكن للتكنولوجيا أن تحلّ مكانها.

أحدث المنشورات

القائمة الكاملة
اليونسكو

المستقبل على المحك: لماذا الاستثمار في التعليم أمر بالغ الأهمية؟

يسلط هذا التقرير، الذي أعدّته اللجنة التوجيهية الرفيعة المستوى المعنية بالهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة (SDG4) بالتعاون مع الشراكة العالمية من أجل التعليم (GPE) ونُشر في عام 2024، الضوء على الحاجة المُلِحّة لتعزيز الاستثمار في التعليم كوسيلة أساسية لمواجهة التحديات العالمية، بما في ذلك تغيّر المناخ، والتطورات التكنولوجية، والتحوّلات الديموغرافية.
اليونسكو

المدن العربية تتألق في جوائز مدن التعلم لليونسكو لعام 2024

تُحرز المدن العربية تقدمًا كبيرًا في مجال التنمية المستدامة والتعلم مدى الحياة، مع تركيز متزايد على إنشاء بيئات تعليمية شاملة تُسهم في تحقيق الأهداف التنموية المحلية والعالمية. وقد احتفلت جوائز مدن التعلم لعام 2024، التي تُمنح من قِبَل اليونسكو، بهذه الجهود، مبرزةً المدن العربية التي تميزت في بناء مجتمعات تعليمية.
اليونسكو

مؤتمر اليونسكو العالمي الثالث للموارد التعليمية المفتوحة: تعزيز الوصول الشامل إلى المعرفة

انطلق مؤتمر اليونسكو العالمي الثالث للموارد التعليمية المفتوحة (OER) في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، في مركز دبي التجاري العالمي في دولة الإمارات العربية المتحدة، ليكون المرة الأولى التي يُستضاف فيها هذا الحدث في العالم العربي. نظّم مؤتمر اليونسكو بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة (MBRF)واستقطب أكثر من 500 مشارك ومشاركة من نخبة القادة العالميين، وصنّاع السياسات، وممثلي المؤسسات التعليمية، بما في ذلك وزراء، وأكاديميون، وخبراء من القطاع الخاص. وتركّزت المناقشات على مدار يومين حول تعزيز الاستفادة من الموارد التعليمية المفتوحة والتقنيات الناشئة، بهدف تحقيق وصول عادل وشامل إلى التعليم، وتقليص الفجوة الرقمية على الصعيد العالمي.
اليونسكو

الأمم المتحدة تحتفي في شهر ديسمبر/كانون الأول بحقوق الإنسان، والأشخاص ذوي الإعاقة، واللغة العربية

تُحيي الأمم المتحدة في شهر ديسمبر/كانون الأول ثلاث مناسبات بارزة تُعنى بحقوق الإنسان، وبحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وباللغة العربيّة، ممّا يجعل هذا الشهر فرصةً عالميّةً للتفكير والعمل. وتقود اليونسكو الجهود لتعزيز التعليم الشامل، وحماية حقوق الإنسان، والاحتفاء بالإرث الثقافيّ واللغويّ للّغة العربيّة، من خلال سلسلة من الفعاليات والمبادرات.