العودة
"التغيير سنّة الحياة، فلنتعلم ونغيّر ونتطور من أجل أنفسنا وأوطاننا"
اليونسكو
2023 - 01 - 04
مقابلة مع الدكتورة مهرة المطيوعي، مديرة المركز الإقليمي للتخطيط التربوي
Zurijeta/Shutterstock.com
الدكتورة مهرة المطيوعي هي مديرة المركز الإقليميّ للتخطيط التربويّ. تتمتع الدكتورة المطيوعـي خبـرةً فـي تخطيـط التعليـم وإدارتـه وسياسـاته ومؤشـّراته فـي دولـة الإمـارات، ودول مجلـس التعـاون الخليجـيّ والـدول العربيّـة. وتمثّـل الدكتورة دولـة الإمـارات العربيّـة المتّحـدة فـي اللجنـة التوجيهيّة الدوليّة العليا المعنيّة بالهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة وجدول أعمال التعليم حتى عام 2030 واللجنة الاستشاريّة للتربية في منظّمة الألكسو.
1. ما هو المركز الاقليمي للتخطيط التربوي؟ وما دوره في دعم وبناء القدرات في مجال التخطيط التربويّ وسياسات التعليم في وزارات التربية والتعليم بالدول العربيّة؟
المركز الإقليميّ للتخطيط التربويّ هو أحـد مراكـز اليونسـكو مـن الفئـة الثانيــة الــذي تســتضيفه دولــة الإمــارات العربية المتحدة بموجــب الاتفاقيــّة الموقّعــة بيــنها واليونســكو في عام 2003.
وبموجب هذه الاتفاقية، يهدف المركز إلى بناء القدرات الوطنيّة والإقليميّة في مجال التخطيط والسياسات والقيادة والإدارة التربويّة، وإنتاج ونشر المعرفة والدراسات التربويّة. ويوفّر المركز أيضًا المشورة والإرشاد والدعم الفنيّ لتحسين أنظمة التعليم في دول مجلس التعاون الخليجيّ والدول العربيّة وتعزيز فعاليتها وجدواها وكفاءتها وجودتها.
يقوم المركز، لتحقيق رؤيته المتمثلة في تعزيز القدرات الوطنيّة لدول المنطقة في مجال التخطيط التربوي، بإعداد سياسات تعليميّة ملخصة تهدف إلى تعزيز كفاءة وجودة مخرجات الأنظمة التعليميّة. كما يقدّم دورات وبرامج تدريبية متخصصة واستشارات ودراسات متخصصة كذلك، وينتج وينشر المعرفة لدعم السياسات التربوية.
وفي السنوات الأخيرة، قام المركز بنقلة رقمية سعيًا منه إلى توسيع دائرة المستفيدين من البرامج التي ينفذها لبناء القدرات. فقدّم مجموعة من 18 برنامجًا متخصصًا، استفاد منها ما يزيد عن 700 شخصًا من العاملين في قطاعات التعليم في 10 دول عربيّة وأكثر من 15 مؤسّسة معنية بشؤون التعليم ومراكز اليونسكو من الفئة الثانية ومكاتبها اليونسكو الإقليميّة.
2. ينشر المركز منشورات باللّغتين الإنجليزية والعربيّة، ويوطّد أطر التعاون مع الجهات المعنية الأساسية في مجال التخطيط التربويّ على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، مع التركيز على دعم تنفيذ الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة المتعلّق بالتعليم. كيف تقيّمون التقدّم المحرز في المنطقة العربيّة نحو تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، خاصّةً إذا أخذنا في الاعتبار الأوضاع والظروف في بعض الدول العربيّة؟
إنتاج المعرفة ونشرها
من المهام الرئيسة التي يقوم بها المركز تيسير الانتفاع بالمعلومات التي تدعم السياسات التربوية وتعزز التخطيط التربويّ، وذلك عن طريق نشر وتوزيع منتجات معرفية باللّغتين العربيّة والإنجليزية.
وتتراوح إصدارات المركز بين دراسات وأوراق بحثيّة وأوراق عمل وأوراق سياسات وأدلّة فنيّة، وقد أصدر المركز في إطار خطّته الاستراتيجية 2017-2022 حوالي 150 منشورًا على موقعه الالكتروني.
التقدّم المحرز في المنطقة العربيّة نحو تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة
أحرزت المنطقة العربيّة تقدّمًا ملحوظًا نحو الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة على مرّ السنين. ومنذ ذلك الحين، نشأ عدد من التحديّات والفرص الجديدة، بما في ذلك جائحة كوفيد-19.
ورغم الآثار غير المتوقعة التي انطوت عليها الجائحة، ما زالت الدول العربية تعطي الأولويّة للتعليم الجيد من خلال تعزيز فرص تدريب المعلّمين والتطوير المهنيّ المستمرّ، وأيضًا من خلال إصلاح المناهج التعليميّة – ولا سيما عبر إدخال في مواضيع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات (STEAM)، وكذلك من خلال تحسين الشمول والسلامة في الصفوف الدراسية، وزيادة تمويل التعليم وتعزيزه.
وقد أثبتت البلدان العربية، من خلال المبادرات والأنشطة التي نفذتها، إمكاناتها والتزامها المستمر لدعم قطاع التربية والتعليم وتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة. فعلى سبيل المثال، قامت الإمارات العربيّة المتّحدة بإنشاء الهيئة الاتحاديّة لتعليم الطفولة المبكرة في عام 2022 لإدارة ومراقبة جودة التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة في البلاد. وفي عام 2018، أطلق لبنان، رغم ما يواجه من أزمات وتحديات، سياسة حماية الطفل كجهدٍ تعاونيٍّ بين وزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الشؤون الاجتماعيّة ووزارة العدل واليونيسف وشركاء آخرين للمساعدة في حماية الأطفال في المدارس من العنف والمخاطر الأخرى.
3. ما هي بعض المبادرات/البرامج المهمّة التي ينفّذها المركز لدعم الدول العربيّة؟ وما هي شراكات المركز المهمّة في المنطقة؟
الهدف الاستراتيجيّ الثالث للمركز الإقليميّ للتخطيط التربويّ هو توطيد شراكاته مع المنظّمات والمؤسّسات والمراكز والجامعات المحليّة والإقليميّة والدوليّة، بما يتماشى مع برامج المركز وأهدافه. وسعى المركز، منذ تأسيسه، إلى بناء شبكة شركاء استراتيجيين على مختلف الأصعدة لتسهيل عمل المشاريع والمبادرات والاستراتيجيات التي تعزز القدرات والمواهب وتنشر الممارسات الفضلى في مجال التخطيط التربوي.
ومن هذا المنطلق، نفّذ المركز في إطار خطته الاستراتيجيّة 2017-2022 حوالي 40 مبادرةً مع 20 من شركائه على المستوى الوطنيّ والاقليميّ والعالميّ. وتتنوّع هذه المبادرات وتتألف من أنشطة لبناء القدرات، ومبادرات لإنتاج المعرفة ونشرها، ودعم الدول العربيّة في تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، ويُعَدّ ذلك من أولويّات المركز وأهدافه الاستراتيجيّة. من الأمثلة على أنشطة المركز وشراكاته ما يلي (على سبيل المثال لا الحصر:
- في عام 2021، وقّع المركز اتفاقيّات تعاون مع أكاديميّة الملكة رانيا لتدريب المعلمين، وجامعة أبو ظبي، ومجلس الشارقة للتعليم الخاصّ، وغيرهم. ونظم عدة ندوات معهم، منها: تنظيم "ندوة الفاقد التعليمي أثناء جائحة كوفيد 19: سياسات التعويض والمعالجة" و"ندوة متخصّصة حول تمكين المعلّم لمستقبل التعليم"، و"ندوة البناء للأفضل: تحويل مدارس اليوم" بالتعاون مع أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين؛ و"ملتقى جامعة أبوظبي التربوي الخامس: التصوّر الجديد للتعليم" بالشراكة مع جامعة أبوظبي وأكاديميّة الملكة رانيا لتدريب المعلّمين؛ و"مؤتمر التعليم المستدام هو المستقبل" بالتعاون مع مجلس الشارقة للتعليم الخاصّ؛ و"ندوة استدامة التحوّل التكنولوجيّ في أنظمة التعليم" بالشراكة مع مكتب التربية العربيّ لدول الخليج.
- نظم المركز الاجتماع التنسيقيّ الأوّل لدول مجلس التعاون الخليجي حول الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة 2030، في مطلع عام 2022.
- قاد المركز الاستشارات الوطنيّة الإماراتية لقمّة تحويل التعليم.
- في عام 2022، وقّع المركز اتفاقيّة تعاون جديدة مع مؤسّسة عبدالله الغرير للتعليم، وكان من مخرجاتها تنفيذ أوّل برنامج تعاونيّ تحت عنوان "سلسلة لقاءات القيادة الفكريّة"، وهو برنامج يشجع التعاون بين مختلف الجهات الملتزمة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة من قطاعات متعددة، وذلك من خلال أحاديث تدعم الشباب في رحلتهم من عالم الدراسة إلى العمل.
- ومن ضمن البرامج المهمّة التي قام المركز بتنفيذها خلال عام 2022، ورشتا عمل وتدريب حول الذكاء الاصطناعيّ والتعليم. الأولى عبارة عن ورشة عمل لإطلاق النسخة العربية من منشور اليونسكو بعنوان "الذكاء الاصطناعي والتعليم: إرشادات لصانعي السياسات"، والثانية ورشة لبناء القدرات الوطنية في سلطنة عُمان لإدماج كفاءات الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية من الروضة إلى الصف الثاني عشر.
4. ما هي الممارسات الواعدة التي من شأنها أن تساعد البلدان على تحسين جودة التعليم؟ وما هو دور المركز في تعزيز مثل هذه الممارسات؟
إنّ إعداد وتطوير خطط وسياسات تعليميّة وطنيّة متّسقة تسمح بالتكيف مع التغيرات المتعددة هو المحور الأساسي لتعزيز جودة التعليم. ومن المهم ترجمة هذه الخطط والسياسات إلى مشاريع ومبادرات ناجحة وفعالة توفّر فرص التعليم الجيد لكلّ المتعلمين سواسية.
وهنا، تؤدي الحكومات دورًا محوريًّا. إذ ينبغي أن تعمل على إعداد وتنفيذ سياسات وخطط شاملة وضمان أنها تلبي الاحتياجات الوطنية، والحرص على تقييم مخرجات التعليم باستمرار. ويتم ذلك من خلال زيادة تمويل التعليم، وتهيئة البنى الأساسية والتكنولوجية المناسبة للمدارس، ورفع كفاءة برامج إعداد المعلمين وبرامج التطوير المهنيّ، وتطوير المناهج والمحتوى الرقميّ، وإنشاء الأطر الوطنيّة للمؤسسات المتخصّصة في قياس جودة التعليم.
ويمكن للمركز الاقليميّ للتخطيط التربويّ أن يدعم الدول من خلال تقديم برامج تطوير مهني تلبي احتياجاتها في تنمية الكفاءات المتخصّصة في مجال التخطيط التربويّ والمجالات ذات الصلة. كما يمكنه توفير الدعم الفني والاستشارات المتخصّصة للدول لمساعدتها على تقييم مخرجات التعلم، وبناء خطط تربوية واستراتيجيّة تتوفق مع الأهداف والرؤى الوطنيّة.
5. إنّ شعاركم في الحياة يلفت الانتباه "التغيير سنّة الحياة، فلنتعلم ونغيّر ونتطور من أجل أنفسنا وأوطاننا". هل تودّين أن تنقلي رسالة إلى الشباب والشابات في العالم العربي مع بداية السنة الجديدة؟
الثابت الوحيد في هذه الحياة هو التغيير المستمر وهذا ما أكّدته لنا التحديات التي تعرّض لها العالم أجمع من أنظمة دولٍ وأفرادٍ أثناء جائحة كوفيد-19. وبالتالي، يجب أن نمرّن أنفسنا على التغيير المستمرّ، ونتكيف معه دائمًا من خلال تطوير أدواتنا في التعامل معه بحيث نكون متعلمين مدى الحياة. فمن خلال التّعلّم، نستطيع تطوير أدواتنا ومهاراتنا وزيادة قدرتنا على التعامل مع جميع معطيات هذه الحياة.
التخرج من المؤسّسة التعليمية ليس نهاية الطريق إنمّا هو بداية لطريق جديد لخدمة الأوطان، وهذا الطريق يحتاج منّا مهاراتٍ متجدّدةً وتعلّمًا مستمرًا لكي نحقّق أهدافنا على المستوى الشخصيّ والمستوى العامّ.
أحدث المنشورات
القائمة الكاملةاليونسكو
المستقبل على المحك: لماذا الاستثمار في التعليم أمر بالغ الأهمية؟
يسلط هذا التقرير، الذي أعدّته اللجنة التوجيهية الرفيعة المستوى المعنية بالهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة (SDG4) بالتعاون مع الشراكة العالمية من أجل التعليم (GPE) ونُشر في عام 2024، الضوء على الحاجة المُلِحّة لتعزيز الاستثمار في التعليم كوسيلة أساسية لمواجهة التحديات العالمية، بما في ذلك تغيّر المناخ، والتطورات التكنولوجية، والتحوّلات الديموغرافية.
اليونسكو
المدن العربية تتألق في جوائز مدن التعلم لليونسكو لعام 2024
تُحرز المدن العربية تقدمًا كبيرًا في مجال التنمية المستدامة والتعلم مدى الحياة، مع تركيز متزايد على إنشاء بيئات تعليمية شاملة تُسهم في تحقيق الأهداف التنموية المحلية والعالمية. وقد احتفلت جوائز مدن التعلم لعام 2024، التي تُمنح من قِبَل اليونسكو، بهذه الجهود، مبرزةً المدن العربية التي تميزت في بناء مجتمعات تعليمية.
اليونسكو
مؤتمر اليونسكو العالمي الثالث للموارد التعليمية المفتوحة: تعزيز الوصول الشامل إلى المعرفة
انطلق مؤتمر اليونسكو العالمي الثالث للموارد التعليمية المفتوحة (OER) في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، في مركز دبي التجاري العالمي في دولة الإمارات العربية المتحدة، ليكون المرة الأولى التي يُستضاف فيها هذا الحدث في العالم العربي. نظّم مؤتمر اليونسكو بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة (MBRF)واستقطب أكثر من 500 مشارك ومشاركة من نخبة القادة العالميين، وصنّاع السياسات، وممثلي المؤسسات التعليمية، بما في ذلك وزراء، وأكاديميون، وخبراء من القطاع الخاص. وتركّزت المناقشات على مدار يومين حول تعزيز الاستفادة من الموارد التعليمية المفتوحة والتقنيات الناشئة، بهدف تحقيق وصول عادل وشامل إلى التعليم، وتقليص الفجوة الرقمية على الصعيد العالمي.
اليونسكو
الأمم المتحدة تحتفي في شهر ديسمبر/كانون الأول بحقوق الإنسان، والأشخاص ذوي الإعاقة، واللغة العربية
تُحيي الأمم المتحدة في شهر ديسمبر/كانون الأول ثلاث مناسبات بارزة تُعنى بحقوق الإنسان، وبحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وباللغة العربيّة، ممّا يجعل هذا الشهر فرصةً عالميّةً للتفكير والعمل. وتقود اليونسكو الجهود لتعزيز التعليم الشامل، وحماية حقوق الإنسان، والاحتفاء بالإرث الثقافيّ واللغويّ للّغة العربيّة، من خلال سلسلة من الفعاليات والمبادرات.